وسام عبد الله
لتحقيق المشروع الاستعماري “إسرائيل الكبرى” فالمستوطنات جزء أساسي في تثبيته على الأرض، وهو ما يتطلب احتلال وتدمير وتهجير السكان من الذين يعيشون ضمن حدود خارطته، وهو ما نشهده منذ عام، في العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.
يسعى نتنياهو لإعادة احتلال قطاع غزة وفرض سيطرته عليه كما كان قبل عام 2005، حينما أعلن رئيس الحكومة الأسبق آرييل شارون الانسحاب وتفكيك القواعد العسكرية الإسرائيلية وإخلاء أكثر من 9000 مستوطن إسرائيلي كانوا يعيشون في 25 مستوطنة داخل القطاع، وبعد الانسحاب أقيمت حدود محصنة على الخط الأخضر لعام 1967.
لكن ما حدث لم يكن إعطاء الحرية للشعب الفلسطيني في غزة، إنما إعادة احتلال بطريقة أخرى. يقول جيمس ولفنسون، المبعوث الخاص لفض الاشتباك في غزة، أنه “بعد انسحاب إسرائيل، تم عزل غزة فعليا عن العالم الخارجي، فكانت العواقب الإنسانية والاقتصادية على السكان الفلسطينيين عميقة”.
كما يقول دوف فايزجلاس، أحد مستشاري شارون، إن “أهمية خطة فك الارتباط هي تجميد عملية السلام… عندما تجمد العملية، فإنك تمنع إقامة دولة فلسطينية وتمنع المناقشات حول وضع اللاجئين والحدود ووضع القدس”.
بعد 19 عاما، رسخ نتنياهو سياسة الابادة الجماعية، بالعسكر والحصار، وهو يريد تهجير السكان وتدمير البنية التحتية وتقطيع أواصل القطاع عبر فرض معابر أمنية بين الشمال والجنوب، وصولا إلى إمكانية إعادة فرض المستوطنات داخل غزة. وهذا الأمر يدرك أنه يتطلب إنهاء المقاومة المسلحة بشكل كامل.
أما في لبنان، فالحركات المتطرفة الإسرائيلية، تعتبره من “وعد الله” بأنه جزء من “أرض إسرائيل”، فاحتلال الجنوب والاستيطان ليست مرتبطة بحزب محدد، إنما في جوهر العقيدة الدينية.
فتحت عنوان “نماذج ناجحة للاستيطان من الماضي ودروس لجنوب لبنان”، نظمت حركات متطرفة ندوة عبر الانترنت، تدعو فيها إلى إقامة مستوطنات بجنوب لبنان. وفي نيسان الماضي نظمت تظاهرة تدعوا إلى احتلال جنوب لبنان، والسماح لليهود بالاستيطان.
وبدأت شركات البناء الإسرائيلية تروج لمستوطنات في جنوب لبنان، عبر الإعلانات، مستهدفة ضباط الاحتياط بشكل خاص.
وتقول حركة (أوري تسافون) المتطرفة، التي تدعو لتوسيع الاستيطان، أنه “منذ أنْ بدأنا مبادراتنا، شهدنا تغييرا ملحوظا، أصبحت المحادثات حول الاستيطان في غزة تتضمن لبنان أيضا، حتى وإن كان بشكل غير مباشر، إنّه تقدم ملحوظ”.
وتشير الحركة أنه “بعد 7 أكتوبر، هناك فهم جماعي بأنّه علينا دفع العدو بعيدا، واحتلال أراضيهم، والسيطرة عليها، وهذا يشير إلى أن احتلال كلٍّ من غزة ولبنان أصبح الآن قابلاً للتطبيق”.
ومع وجود آلاف من المؤيدين، تدَّعي الحركة أن الاستيطان في لبنان أمر ضروري لتحقيق “أمان حقيقي ومستقر في شمال إسرائيل”، بالنسبة لهم جنوب لبنان هو “في الحقيقة الجليل الشمالي”، ضمن الحدود الكتابية للوعد الإلهي لهم.