وسام عبد الله
خلال أسابيع قليلة، شهد العالم انتخابات مبكرة، رئاسية في إيران، ونيابية في فرنسا وبريطانيا، لتحمل معها مفاجآت بنتائجها، التي جاءت معاكسة لتوقعات المتابعين والمحللين، وحتى لمناصري الأحزاب الذي خاضوا السباق الإنتخابي في بلدناهم.
في فرنسا، تمكن ائتلاف “الجبهة الشعبية الجديدة” بالفوز بأكبر عدد من المقاعد في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية. الجبهة التي تضم تحالف اليسار وتيار الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي تشكل لمواجهة حزب التجمع الوطني اليميني. وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، فقد بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية 66.6 بالمئة، وهي الأعلى منذ عام 1997.
وتشير التقديرات إلى تمكن تحالف اليسار، الذي يضم أقصى اليسار والاشتراكيين والخضر، بتحقيق ما يتراوح بين 172 و215 مقعدا، وتيار الوسط (الرئيس الفرنسي) في المركز الثاني بما يتراوح بين 150 و180 مقعدا، أما حزب مارين لوبان (اليمين) فسيحصل بين 115 إلى 155 مقعدا. لكن التيارات سياسية الثلاث لن يصل أي منها إلى تحقيق 289 من أصل 577 مقعدا، لضمان الأغلبية المطلقة في مجلس النواب.
وبعكس التوقعات التي سادت خلال الأسابيع الماضية، بأن اليمين الفرنسي سيحقق الأغلبية في البرلمان، فجاء التحالف الانتخابي المعارض له ليلحق به هزيمة في الجولة الثانية من الانتخابات، ولكن هذه النتائج أدخلت الجمعية الوطنية (البرلمان) في حالة انقسام وتعطيل لعدم وجود أغلبية مطلقة لأحد الاطراف. وهو ما دفع زعيم “الجبهة الشعبية الجديدة”، جان لوك ميلينشون، للقول “يجب على الرئيس أن يدعو الجبهة الشعبية الجديدة للحكم”.
أما في بريطانيا، فقد حقق حزب العمال البريطاني الأغلبية في الانتخابات التشريعية، وعاد مرة جديدة إلى الحكم بعد 14 عاما من سيطرة حزب المحافظين على الحكومة.
وأوضحت رويترز بأن الناخب البريطاني “عاقب المحافظين” بسبب أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة وعدم استقرار امتد لسنوات وتنافس داخلي شهد تولي 5 رؤساء وزراء مختلفين رئاسة الحكومة منذ عام 2016.
وفي الانتخابات الرئاسية في إيران، تمكن المرشح الإصلاحي، مسعود بزشكيان، من الوصول إلى سدة الحكم في طهران، بعد 19 عاما على آخر رئيس إصلاحي (محمد خاتمي).
وكانت التوقعات ترجح فوز مرشح التيار المحافظ سعيد جليلي، لكن النتائج أعطت الفوز لبزشكيان. وينظر إلى هذا التبدل، بأن الناخب الإيراني، أراد السير مع وعود المرشح الإصلاحي في إحداث تغيير بالسياسة الداخلية في العديد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية.
أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فقد أبدى بزشكيان استعداده للتحاور مع كل الدول لتخفيف العقوبات عن بلاده، لطوجذب الاستمثارات واستعادة الأموال المحتجز عليها في الخارج، لكن تبقى الخطوط الحمراء واضحة بالنسبة له، إن كان بوضع مصلحة إيران أولا، واستمرار دعمه لمحور المقاومة والقضية الفلسطينية.
ولأن فلسطين الحاضرة دائما، فقد قال ميلينشون، بعد فوز تحالفه بالانتخابات، “علينا الاعتراف بدولة فلسطين لأنه من بين الوسائل المتاحة لنا للضغط”.
وفي مقابلة تلفزيونية سابقة، دعا الزعيم اليساري إلى إعادة النظر في العلاقة الفرنسية الإسرائيلية، قائلا ” الدعم غير المشروط لإسرائيل ليس له أي معنى آخر سوى الدعم غير المشروط لسياسة السيد نتنياهو. نحن نرفض بشكلٍ قاطع تشكيل حكومته والمبادئ السياسية التي يدافع عنها وسياسته الاستيطانية”.
وحول الحرب على غزة قال “هناك أكثر من مليوني شخص محتجزون في ما يشبه السجن المفتوح، ولا يسعني أن أصدق كيف يمكن لإسرائيل أن ترتكب فعلاً كهذا”.
وبعد توليه منصبه الجديد، قال وزير خارجية بريطانيا، ديفيد لامي، أن بلاده ستسعى إلى “موقف متوازن” في الحرب الإسرائيلية على غزة، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع.
وعلى الرغم من كسب حزب العمال أكبر عدد من المقاعد النيابية، إلا أن عدد من المرشحين المستقلين المناصرين للقضية الفلسطينية، استطاعوا هزيمة مرشحي حزب العمال.