وسام عبد الله
“الساعة الرملية انقلبت: حزب الله يستعد لغزو المستوطنات الشمالية”، بهذا العنوان عبّرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، عن التهديد الذي يشكله الحزب بالنسبة للجبهة الشمالية، وإمكانية إلحاق الهزيمة بهم بحال قرر جيش الاحتلال توسيع رقعة الحرب باتجاه لبنان.
وبحسب تقديرات الإحتلال، فالمقاومة اللبنانية أطلقت أكثر من 3000 صاروخ، بواقع 2000 عملية هجومية، وأدت لنزوح أكثر من 80,000 مستوطن.
وعلى الرغم من نتائج الاستطلاع الذي نشرته صحيفة “معاريف”، بأن 62% من الإسرائيليين يعتقدون أنه يجب أن تشن “اسرائيل” فوراً حرباً مع حزب الله، إلا أن المعطيات الصادرة عن مراكز أمنية ومحليلين صهاينة، توحي بأن الأمر مستبعدٌ في المرحلة الحالية لعدة أسباب.
الاعتبار الأول يعود لكون المقاومة اللبنانيّة تملك أسراراً في قوتها العسكرية لم تكشف عنها بعد، فهي تمكنت من رصد تحركات العدو وتحصيناته المستحدثة مما شكل تساؤلات لدى الاحتلال عن قدرة حزب الله بجمع المعلومات الاستخباراتيّة وكيفية تأمينها. وشكل دخول مجموعات الدفاع الجوي وإسقاط المسيّرات واستهداف الطائرات الحربيّة، قلقاً إضافياً في الإمكانيات المتوافرة لمواجهة سلاح الجو الاسرائيلي.
أما على الصعيد الجبهات المفتوحة، فلا يملك جيش الإحتلال القدرة على إشعال مواجهات متباعدة جغرافياً، فمن الشمال حزب الله، ومن الجنوب حركة أنصار الله في البحر الأحمر، والمقاومة العراقية من الشرق، والإسناد الايراني، والمقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية.
وفي جبهة غزة، التي تستمر بها الإبادة الجماعية لسكانها، فلم يتمكن الإحتلال من فرض سيطرته على القطاع، ولا إنهاء حركة حماس، ولا استعادة الأسرى، فكل الأهداف التي وضعها لم تحقق نتائجها، بعد ثمانية أشهر من القتال، فكيف إن كانت المواجهة مع حزب الله الذي يملك ترسانة أسلحة أضعاف ما تملكه المقاومة في غزة؟.
استبعاد اندلاع الحرب يعود لعوامل تتعلق بأزمة الكيان، فالعزلة الدولية تزداد عليه، مع إصدار قرارات إدانة بحقه من قبل الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. وكانت الضربات القاسية بالنسبة له مع إعلان عدة دول أوروبية الاعتراف بدولة فلسطين مثل اسبانيا والنرويج. كما يواجه الاسرائيلي ضغطاً لمنع فتح الجبهة من قبل دول غربية، ليس حرصاً على بيروت، إنما خوفاً من الدمار الذي سيلحق بالقسم الشمالي والاوسط في الكيان.
وفي الداخل الاسرائيلي، أزمة ثقة بين الأحزاب السياسية والمستوطنين، وجيش الاحتلال وضباطه والسياسيين، حتى أن الكاتب السياسي والضابط السابق أوري مسغاف كتب في صحيفة “هآرتس” مقالا، بعد زيارته لمستطونات الشمال ومشاهدته الحرائق الناتجة عن ضربات المقاومة، فكان عنوانه “لا تصدّقوا هرتسي هليفي، نحن غير جاهزين للحرب في لبنان”، كردٍّ على قول رئيس هيئة الأركان بتوصيف المواجهة مع حزب الله “أن الجيش جاهز للانتقال إلى الهجوم”.
التقديرات تشير إلى استبعاد الحرب في المرحلة الحالية، لكن “دولة عسكرية” قائمة على سياسة الردع وإخضاع الجوار، والقائمة على أساس “واحة الأمان” والاستقرار والتفوق العسكري، تصبح في أقل من سنة، بخطرٍ وجودي استراتيجي، فقد لا تكون الهدنة أحد حلولها المفضلة، إنما قد ترضى فيها مرغمةً لمدةٍ قليلة، أما على المستوى البعيد فتبقى الإحتمالات واردة لمحاولتها إعادة ترميم ردعها من خلال حربٍ واسعة مع لبنان أو عمليات عسكرية محدودة.