وسام عبد الله
لماذا زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دولة كاليدونيا الجديدة في المحيط الهادئ؟، هي ليست ضمن الزيارات الرسمية التي يقوم بها عادة، إنما هي جزء من “المستعمرات” الفرنسية التي ما تزال باريس تسعى للسيطرة عليها.
الإهتمام الفرنسي بكاليدونيا الجديدة يأتي بكونها منطقة استراتيجية في جنوب المحيط الهادئ، بالقرب من أستراليا من جهة، كما أنها تعزز من نفوذها في منطقة آسيا المحيط الهادئ، والمعني الأساسي بهذا الأمر هي الصين. إضافة لغناها بالموارد الطبيعية، وتحديدا مادة النيكل، الداخلة في صناعة الآليات العسكرية.
وتأتي الزيارة الرئاسية، بعد اضطرابات شهدها كاليدونيا اعتراضاً على قرارات تُدرس في البرلمان الفرنسي، للسماح بالتدخل والتعديل على قوائم الناخبين فيها.
تاريخياً، بدأ التمدد الفرنسي الإستعماري في العالم بالقرن السادس عشر، وكانت لافريقيا الحصة الأكبر منه، كونها تشكل مورداً هاما للثروات الطبيعية التي تحتاجها باريس، من ذلك الزمن حتى اليوم.
فاستعمرت الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا والمغرب، والتي نالت استقلالها في خمسينيات القرن الماضي، وتعد الجزائر الاطول مدة فيها حيث استمرت تحت الاحتلال الفرنسي لمدة 132 سنة.
كما سيطرت فرنسا على ساحل العاج ومالي والسنغال والكونغو والغابون وتشاد وغيرها، لتفرض احتلال امتداد من شمال افريقيا والمنطقة الوسطى وصولا إلى جنوبها.
طوال مدة الاستعمار ارتكب العديد من المجازر والأعمال غير الانسانية، فنفذ تجارب نووية بمدينة رقان الجزائرية بإلقاء قنبلة قوتها تعادل أربعة أضعاف هيروشيما لا تزال آثارها السلبية على الاجيال منذ عام 1960، وقصفت عام 1907 مدينة الدار البيضاء، مما أدى إلى سقوط نحو 6 آلاف مغربي.
لو خسرت فرنسا نفوذها في إفريقيا فقد تنخفض مستويات الطاقة والإنتاج لديها، كون دولها غنية بالمعادن والثروات الباطنية والطبيعية. فباريس تعتمد عليها في الحصول على اليورانيوم والمعادن لتزويد المفاعلات النووية الكهربائية، حيث تشكل النيجر ومالي وتشاد 25% من احتياجاتها.
بحسب الدراسات، يستخرج من افريقيا 70 بالمئة من الألماس في العالم، و80 بالمئة من تعدين الذهب، وفي الكونغو يستخرج معدن الكولتان، الذي يعتبر أساسيا في تطوير الرقاقات الإلكترونية، وتنتشر حقول النفط في السنغال.
فرنسا ليست الطامع الوحيد في الثروات الافريقية، فالولايات المتحدة الأميركية تتواجد بقاعدة عسكرية في تشاد، بموقع استراتيجي بالقرب من ليبيا والسودان، وعززت روسيا حضورها في النيجر ومالي بأفريقيا الوسطى.
وتسعى الشعوب إلى التحرير من الهيمنة الغربية على سيادتها وثرواتها وإنهاء الوجود العسكري، كما حصل في النيجر وتشاد ومالي، وأخيرا كاليدونيا الجديدة، التي وصف الاعلام الفرنسي المطالبين بالاستقلال فيها، بالانفصاليين.