وسام عبد الله
مع إعلان دول إسبانيا وأيرلندا والنرويج، اعترافها بدولة فلسطين، يصبح عدد الدول التي تعترف بفلسطين كدولة 147، من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة.
يعتبر هذا الإعلان خطوة “رمزية” تساعد على زيادة الضغط الدبلوماسي مع الوقت على الموقف الأوروبي والأميركي للإعتراف بالدولة الفلسطينية، إضافة إلى الضغط على كيان الإحتلال.
فالإعتراف يساهم في فتح المجال أمام الفلسطينيين للنشاط الرسمي والدبلوماسي داخل المجتمعات الاوروبية، التي تعترف 11 دولة منها بدولة فلسطين، ليشكل قوة سياسية وثقافية وشعبية، وكانت السويد أول دولة أوروربية اعترفت رسمياً بفلسطين عام 2014.
لا يمكن وضع الإعتراف في سياقه القانوني الدولي، فهو بحاجة إلى تصويت من قبل الجمعية العام للأمم المتحدة، إنما هو ضمن مسار طويل لانتزاع الشعب الفلسطيني لحقه بسيادة دولته، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، لكن تبقى العقدة الأساسية هي مبدأ إقامة “حل دولتين”، الذي يرفضه الكيان الاسرائيلي بشكل كامل.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد وافقت على الإعتراف بدولة فلسطين ذات السيادة في تشرين الثاني 2012، ووضعها “دولة مراقب غير عضو في المنظمة”. وفي نيسان الماضي، تقدمت الجزائر بمشروع قرار يوصي الجمعية العامة بقبول فلسطين عضوا في الأمم المتحدة، فاستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) ضد المشروع.
زيادة عدد الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية، قد يؤدي في مراحل لاحقة، إلى إلزام مجلس الأمن والدول المعنية بالملف الفلسطيني، للضغط والتوجه نحو السير بمفاوضات السلام، وإلزام الإحتلال الانسحاب من الأراضي التي احتلها عام 1967.
على الرغم من الثغرات في المواقف الدولية، حتى التي تعترف بالدولة الفلسطينية، بأنها تتجاوز الفكرة القانونية والإنسانية بحق الشعب في تقرير مصيره، وتحديدا فيما يتعلق بشكل الدولة وحدودها وقيام “دولة اسرائيلية” مجاورة لها، لكن بالوقت نفسه، تعتبر موجة الإعترافات فرصة لا يجب أن تضيع من يد الفلسطينيين، كونها جزء من نتائج عملية “طوفان الاقصى” والإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان غزة، والتي بدلتا معظم المواقف الدولية من القضية.
خلال العقود الماضية، مر الموقف الاسباني من القضية الفلسطينية، بعدة مراحل، بحسب السياسة الخارجية وتأثرها بالاوضاع الداخلية والدولية. فسنة 1979، كان رئيس الحكومة أدولفو سواريث غونثاليث أول رئيس حكومة أوروبي يستقبل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وعقد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 ليكون منتدى للمفاوضات المباشرة، بين مختلف الأطراف الاقليمية والدولية، بهدف التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.
ويشكل إقليم كاتلونيا، المركز الأبرز في السياسة الداخلية الاسبانية، الواضح في موقفه الداعم للشعب الفلسطيني والرافض للاحتلال الاسرائيلي، والذي أعلن عبر رئيس بلدية برشلونة قطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الإحتلال بسبب جرائمه في قطاع غزة.
الذي ساهم بالتأثير على قرارات الاقليم الإسباني هو الحراك الشعبي المعارض لإسرائيل، ففي السابق جمعت اتفاقية تعاون بين كيان الاحتلال وبرشلونة عام 1998، ولكن الموقف الشعبي الداعم لحقوق الشعوب في الحرية وتقريرها مصيرها، ساهم في تغير الموقف الخارجي، والذي يعتبره مؤيديه خيار طبيعي ينطلق من تاريخ الإقليم في الدعوة لحقه بتقرير مصيره في الإستقلال عن الدولة الإسبانية.