وسام عبد الله
تساقط مفهوم الأرض وحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره على مدى العقود الماضية، فكل الدعوات ومؤتمرات السلام كان الإسرائيلي يتعامل معها من منظور واحد، هو “السلام لإسرائيل” فقط، وللفلسطينيين والدول المحيطة بها الخضوع والحروب الدائمة.
يردد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بشكل دائم مصطلح (السلام مقابل السلام)، وأعاد تأكيده مع العدوان على غزة ولبنان، وهو ليس بجديد. في تشرين الأول عام 2020، قال رئيس الكنيست الإسرائيلي ياريف ليفين
“الترتيب القائم على صفقة يحصل بموجبها أحد الطرفين على السلام، وفي المقابل يدفع ثمن الأرض إلى الطرف الآخر، ليس إلا مسخرة”، وهو دليل على نسف مبدأ “الأرض مقابل السلام”، وإنهاء إمكانية قيام مشروع “حل الدولتين”.
فكرة (السلام مقابل السلام) قائمة على مبدأ تخلي الفلسطينيين عن أرضهم بإنهاء الاحتلال لأراضي عام 67، والاكتفاء بالمناطق الموجودة حاليا، مع إفراغها من قدرة السلطة الفلسطينية على إدارتها. فالهدف هو منع حركات المقاومة من النشاط داخل الاراضي المحتلة، وشطب كل مطالبة لحق الفلسطينييين بأرضهم، ليكون أحد انعكاساتها، التوطين وإنهاء حق العودة.
الوصول إلى (السلام من أجل السلام)، كانت ضمن مسار إيقاف (الأرض مقابل السلام)، والذي كان قائما على انسحاب الاحتلال من الأراضي التي احتلها عام 67، والسير ضمن مسار السلام العادل والشامل، وهو ما ركز عليه مؤتمر مدريد عام 1991. لكن الاحتلال قوض كل محاولات إنجاحه، فتوسع بالمستوطنات داخل فلسطين المحتلة، ولم ينسحب من الجولان السوري ولا بشكل كامل من الجنوبي اللبناني. حرمان حق الفلسطينيين بأرضهم، جاء مع توصيف الاحتلال للضفة الغربية بأنها “أرض متنازع عليها” وليست محتلة، واستُكمل مع اعتراف الادارة الاميركية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، بالقدس “عاصمة لإسرائيل” والجولان المحتل جزء منها.
مصطلح آخر طرح هو (الأمن مقابل السلام)، بأن لا أرض ولا حقوق، ما يريده الاحتلال هو الوصول إلى تدمير كل حركات المقاومة والمناهضة للمشروع الاستعماري في المنطقة، مقابل عدم خوض حروب ضدها، بتحويل السلطة داخل فلسطين إلى “شرطي” يحمي أمن “إسرائيل”، وهو ما أرادته من خلال اتفاقية أوسلو لتكون السلطة الفلسطينية مجرد قوة أمنية داخل الضفة دون حرية الحركة والعمل العسكري، ولتفرض الحكومة الإسرائيلية قيود على التنقل والعمل والسفر.